الثلاثاء، 1 يونيو 2010

المجزرة قرار استراتيجي يتطلب رداً استراتيجياً

المجزرة قرار استراتيجي يتطلب رداً استراتيجياً

إيهاب السيد

http://arab-palestine.blogspot.com/

مجزرة جديدة يقترفها العدو الصهيوني، وكأننا بحاجة إليها لتذكرنا بمدى وحشيته التي خبرناها منذ وطأ أرض فلسطين وعاث فيها فساداً. لا جديد في وحشية العدو وهمجيته، الجديد هذه المرة أنه مارس هذه الوحشية والهمجية مع أناس من دول وشعوب متعددة وليس مع الفلسطينيين وجيرانهم من الشعوب العربية. هذه المرة طال العدوان الأتراك والبلجيك والبريطان واليونان وغيرهم من الأوربيين.

هي ليست جرأة في التمادي على الشعوب والدول، بل هو قرار استراتيجي صهيوني بأن إبقاء الحصار على غزة أهم من أي تفاعلات أخرى قد تحدث مع دول العالم. إنه تحد سافر لكل القوانين الدولية ولأكثر من أربعين دولة اختطف رعاياها من المياه الدولية أمام أعين العالم أجمع في مشهد دموي غير مسبوق. وهو إذ يحظى بالتواطأ الأمريكي والتخاذل الرسمي من بعض الدول الأوروبية والعربية، فإنه يؤكد على أن هذه الدول تتفهم وتقر أن ما جرى –وإن كان عنفاً مبالغ فيه في نظرها- فإنه مبرر لأن الهدف منه أسمى وأهم وأكبر من كل ما حدث في نظرهم، والهدف هو إبقاء الحصار على الحالة المقاومة المتواجدة في قطاع غزة كي لا تنتشر عدواها إلى باقي أرجاء فلسطين وربما دول الطوق المحيطة بالكيان الصهيوني.

لقد وضعت سفن الحرية الكيان الصهيوني أمام خياران، أحلاهما مر كما يقولون. فإما أن يسمح لها بالمرور فيفتح ممر بحري إلى غزة يكون نهاية لحصارها الذي دام قرابة 4 سنوات، أو أن تمنع بالقوة من المرور، مع ما يرافق ذلك من فضيحة إعلامية وسياسية يعلم المسؤولون في حكومة العدو مداها وتأثيرها وخصوصاً أن اللجان المنظمة لقافلة الحرية أوضحت أنها تمتلك حجم تغطية إعلامية عربية وعالمية غير مسبوقة وحضور برلماني وسياسي أوروبي لافت.

القرار هنا كان قراراً استراتيجياً مدروساً من قبل أعلى المستويات في الكيان الصهيوني، من مجلس الوزراء الذي اجتمع وتداول في الأمر قبل انطلاق السفن بحوالي أسبوعين على الأقل. فهو لم يكن قراراً سريعاً أو عفوياً أو ابن لحظته. بل إن سلاح البحرية الصهيوني كان لديه الوقت الكافي بعد اتخاذ القرار ليتدرب ميدانياً على كيفية اعتراض واقتحام السفن والسيطرة عليها في عرض البحر. وكان لدى جيش العدو الوقت الكافي كي يهيء المراكز التي سيعتقل فيها المتضامنين الآتين على ظهور هذه السفن للتحقيق معهم واستجوابهم وفرزهم إلى المعتقلات المختلفة كل حسب حالته.

إن الرد الاستراتيجي الوحيد على قرار العدو الاستراتيجي باستمرار الحصار على مليون ونصف فلسطيني مقاوم في غزة لا يكون إلا بالعمل على كسر هذا الحصار بكل الوسائل الممكنة سواء عبر المزيد من الضغط الشعبي على الكيان الصهيوني بحملات أخرى مماثلة أو بتصعيد الضغوط والتحركات الشعبية والحزبية على الحكومات العربية من أجل فتح الحدود مع غزة بغطاء عربي يجعل الموقف المصري أكثر استعداداً لتقبل هذه الفكرة. لا بد أن تمارس الشعوب العربية الضغوط على حكوماتها وأن تطالبها بالضغط بدورها على الحكومة المصرية كي يتم فتح معبر رفح بشكل دائم ومنظم أما مرور البضائع والسكان من وإلى القطاع المحاصر. إن الحكومات العربية الصامتة على ما يجري في غزة باعتباره أمراً يخص الكيان الصهيوني وأهل غزة أو حماس من جهة والحكومة المصرية صاحبة السيادة على معبر رفح من جهة أخرى هو في حقيقته تواطأ ثان وموافقة على هذا الحصار واستمراره على يد مصرية.

إن معركة كسر حصار غزة بأبعادها المختلفة اليوم هي معركة مفصلية في سياق تحرير فلسطين وانتصار المقاومة الفلسطينية. وما حدث مع قافلة الحرية يبين لكل ذي عقل أن المخرج الوحيد لما نحن فيه من ذل وهوان هو في دعم المقاومة ونشر ثقافتها وتحويل مجتمعاتنا إلى مجتمعات مقاومة من أجل تحرير فلسطين وباقي الأراضي العربية المحتلة شرقاً وغرباً، وحينها سيصبح النصر أقرب مما نتخيل.

معاً لتفعيل الضغوط على الحكومات العربية والحكومة المصرية من أجل كسر الحصار وفتح معبر رفح بشكل دائم ومستقل بعيداً عن أي سيطرة أو مراقبة صهيونية.