الخميس، 26 أبريل 2012

القدس تجمعنا . . . لا تجعلوها فتنة بيننا


القدس تجمعنا . . . لا تجعلوها فتنة بيننا

عبد العزيز السيد

 

وليس يصّح في الأفهام شيءٌ                 إذا احتاج النهار إلى دليل

المتنبي

 

على امتداد تاريخ الصراع العربي الصهيوني، بل وعلى امتداد التاريخ كله، كانت القدس الشعلة التي توقد المواجهات والانتفاضات الفلسطينية، منذ مواسم النبي موسى وثورة البراق المجيدة وحتى انتفاضة الأقصى، إلى عمليات الاستشهاديين والاستشهاديات.

كلما أصابها عدوان تنادى العرب والمسلمون إلى عقد المؤتمرات لحفظ عروبتها وصون هويتها، ودرء العدوان عنها، ومع أنّ هذه المؤتمرات والحراكات كانت أعجز من أن تحقق إنجازات تليق بالقدس ومكانتها وواجب تحريرها، إلا أنّ أحداً لم يستطع أو يجرؤ على إعلان التفريط بها أو التنازل عن ذرّة من ترابها، فقط هو السادات الذي انتهك حرمات الصراع العربي الصهيوني وخان الدم المصري وكل دماء وتضحيات الأجيال حين أقدم على زيارته المشؤومة لها، وهي زيارة أكد قادة فلسطين في حينه رفضها كما رفضتها الأمّتان العربية والإسلامية.

قادة فلسطين منذ بدأ الصراع المعاصر على فلسطين عَضّوا على القدس بالنواجذ.

الحاج أمين الحسيني حشد لها المسلمين من أقاصي الأرض وعقد لها المؤتمر الإسلامي الكبير 1931 حينما هُدّد حائط البراق الشريف.

أحمد الشقيري عقد فيها على ذرى جبل الزيتون المؤتمر الفلسطيني الذي أسس منظمة التحرير الفلسطينية وافتتحه الملك الراحل الحسين رحمه الله تأكيداً على أن القدس هي عاصمة فلسطين. ياسر عرفات لم تشفع له أوسلو المُذلّة وظل يردد مقولته الإيمانية الاستراتيجية : سيرفع شبل من أشبال فلسطين أو زهرة من زهراتها علم فلسطين على الأقصى والقيامة فقضى شهيداً لأنه أبى في كامب ديفيد التنازل عن القدس.

كامب ديفيد الأولى قتلت السادات لأنه خان القدس وكامب ديفيد الثانية أودت بعرفات شهيداً لأنه لم يفرط بها. وأشهد أنه قال لي غداة زيارة السادات للقدس ردّاً على سؤال يتعلق بالزيارة والاختراق الساداتي: "تسوية بدون القدس ، خطيئة تقتل صاحبها".

وقد وعينا صغاراً على مقولة المرحوم الملك عبد الله شُلّت يميني إن نسيت القدس أو نسيتك يا فلسطين، وعلى عتبات الأقصى قضى رحمه الله.

وعشنا نسمع المرحوم الملك فيصل بن عبد العزيز يرد على اقتراحات كسنجر لحلّ القضية الفلسطينية ينهي اللقاء بسؤاله :هل يحقق لي ما تقول الصلاة في المسجد الأقصى –أي هل يحرّر القدس . . ! وأخيراً مضى شهيداً دون القبول بحلْ لا يعيد الأقصى.

أما فلسطينياً فالحديث عن القدس طويل طويل، فمنذ دخل دايان إلى باحات الأقصى غداة احتلال عام 1967 تداعى رجالات المدينة وأسسوا الهيئة الإسلامية العليا التي صدت محاولات الهيمنة على الشأن الإسلامي  المسيحي تحت عباءة وزارة الأديان الصهيونية، وطرح رئيسها الأول المرحوم الشيخ عبد الحميد السائح الشعار الذي ما زال صرخة كل المقدسيين مسلمين ومسيحيين : لا صلاة تحت حراب الاحتلال.

ومنذ ذلك الحين حظر الراحل الكبير البابا شنودة الصلاة تحت حراب الاحتلال أيضاً.

ولن نذهب بعيداً ففي يوم الأرض من هذا العام تنادى الملايين لنصرة القدس، في وقفات مشهودة شارك فيها أنصار القدس وفلسطين من قارات العالم أحاطت بثغور فلسطين كالسوار بالمعصم تقول :

"القدس عاصمة فلسطين والعرب والمسلمين"

وفي ذلك اليوم المجيد، يوم الأرض، يوم الزحف المليوني لنصرة القدس يطلق رئيس السلطة الفلسطينية للمرة الثانية دعوته في قمة بغداد لكي يزور العرب والمسلمون القدس تحت حراب الاحتلال، وكان من قبل أطلقها في مؤتمر لنصرة القدس في الدوحة . . .

والآن وقد شهدنا زيارة الداعية اليمني الجفري والمفتي المصري جمعة للقدس لا تحت حراب الاحتلال وحسب بل وبإذن الاحتلال وحمايته (نفى ذلك الداعية اليمني والمفتي المصري إلا أن الاحتلال أكد ذلك وأهل القدس كذلك).

وثار الجدل الفقهي والديني . . . وبعيداً عن الانغماس في هذا الجدل، أفلا يجدر بنا أن نرى ونتأمل أن الزيارتين ترافقتا مع قرار الاحتلال منع خطيب الأقصى من دخول الأقصى الشيخ عكرمة صبري وقرار الاحتلال بمنع شيخ الأقصى رائد صلاح من دخول القدس والأقصى.

يا قوم إن اختلفت الأمة على القدس، فعلام ستجتمع...ألا تكفي فلسطين فتن الخلافات السياسية ... ألا تكفي القدس آلامها ...

 يا أيها الإنسان استمع لصوت الإنسان في القدس: الشهيد والأسير والصامد، أهلها هم وحدهم ضميرها الناطق باسمها في الأقصى والقيامة.

 دعوا القدس تجمعنا ... ولا تجعلوها فتنة بيننا ...فالقدس لن ترحم منا أحداً.

 

الأربعاء، 25 أبريل 2012

لا للتطبيع بأي شكل أو مبرر

للمفارقة، في ذات الوقت الذي دخل فيه علي جمعة مفتي الديار المصرية الأقصى برعاية أردنية وموافقة صهيونية ليسجل على نفسه وتاريخه قيامه بأكبر عمل تطبيعي منذ اتفاقيات كامب ديفيد، كانت سلطات الاحتلال الصهيوني تصدر قراراً تمنع فيه الشيخ عكرمة صبري شيخ الأقصى وخطيبه من دخول الأقصى الشريف لمدة شهرين. وكذلك تمنع الشيخ رائد صلاح من دخوله وتحدد أعمار من يحق له الدخول لأداء صلاة الجمعة. خبث الصهاينة ليس له حدود. هذه المفارقة أهديها لكل من يظن أن المفتي دخل القدس والأقصى دون موافقة سلطات الاحتلال الصهيوني التي تتحكم بكل شاردة وواردة في الحرم القدسي الشريف. أفيقوا يا عرب، القدس تحتاج الدعم بالمال والرجال وليس لزيارات لا تسمن ولا تغني من جوع.