الاثنين، 22 فبراير 2010

عودة إلى المربع الأول .. الأرض أصل الصراع

عودة إلى المربع الأول .. الأرض أصل الصراع

 

لم يعد مشهد التهويد في فلسطين يقتصر على القدس، إذ ها نحن نرى أن التهويد سيمتد إلى مساجدنا في بيت لحم والخليل بدعوى أنها تراث يهودي تقوم حكومة الاحتلال الصهيوني بترميمه وتجديده. فمسجد الصحابي الجليل صاحب عبارة "أحدٌ أحد" بلال بن رباح مؤذن الرسول عليه الصلاة والسلام أصبح من التراث اليهودي! والحرم الإبراهيمي الذي يوجد فيه قبر أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، وأولاده الأنبياء وزوجته سارة أصبح رسمياً من التراث اليهودي بعد أن كان الاحتلال قد قسمه بين المسلمين واليهود ومنع المسلمين من دخوله كثيراً بحجج أمنية أو غيرها نظراً لبقاءه والمنطقة المحيطة به تحت الاحتلال عند تسليم المدينة للسلطة الفلسطينية في تسعينيات القرن الماضي.

عاد الصراع بيننا وبين الاحتلال الصهيوني إلى مربعه الأول الآن، هم يريدون كل فلسطين خالصة لهم، يهودية. إن يهودية الدولة لم تعد تقتصر على الأراضي المحتلة عام 48 بل امتدت بمسميات مختلفة إلى كل مدن فلسطين العربية منذ فجر التاريخ. هذا هو أصل الصراع وحقيقته. هم يريدون الأرض كل الأرض، ونحن أصحاب الأرض الساعين لاستردادها. لم يعد هناك معنى لكذبة "الأرض مقابل السلام" التي انطلقت في السبعينيات من القرن العشرين لتخدع وتوهم الكثيرين من بسطاء أمتنا بإمكانية إحلال السلام بيننا وبين المحتل العنصري الصهيوني.

لم يعد هناك التباس في المفاهيم الآن أو يفترض ألا يبقى مثل هذا الالتباس، إن كان وجد لدى البعض قبل هذه اللحظة. كما لم يعد هناك ما يتفاوض الفلسطينيون والعرب عليه. على ماذا سيتم التفاوض إن كنا سنستبعد القدس والخليل وبيت لحم والأغوار والمستوطنات والأراضي التي اقتضمها جدار الفصل العنصري. أنتفاوض حول بعض القرى والأراضي الحرجية التي لا تكاد تصلح لرعي الخراف؟ وهل يجرؤ أحد بعد اليوم على الحديث عن إمكانية التعايش السلمي وحل الدولتين؟

إن الحقيقة واضحة وضوح الشمس، لا حل إلا بالعودة إلى أصل الصراع. إما نحن أو هم على هذه الأرض. والتاريخ يقول إننا أصحاب الحق، تواجدنا عليها منذ الأزل، منذ وطئتها أقدام أجدادنا الكنعانيين واليبوسيين قبل أكثر من ستة آلاف سنة. وإن فهمنا هذا المعنى لا يعود ثمة مفر من الانتفاض على الاحتلال والثورة عليه بكل الوسائل الممكنة. قبل أيام تمكن المتظاهرون العزل في بلعين من نزع مائة متر من السياج الشائك الذي يحيط بقريتهم ويعتبر امتداداً وجزءاً من جدار الفصل العنصري. واليوم نحن مدعوون جميعاً إلى المشاركة النشطة في مقاومة الاحتلال، مقاومة تهدف إلى تحرير الأرض والوطن لا التفاوض عليه.

وآمل حين يحدث ذلك -وسيحدث قريباً بلا أدنى شك- أن لا تستمر قوات أمن السلطة الفلسطينية في قمع أبناء شعبنا الذين يذوقون الأمرين من اضطهاد السلطة وقمع الاحتلال. فقد آن لهذه السلطة ومن فيها وأفراد أمنها أن يستيقظوا ويدركوا أن السيل قد بلغ الزبى وأن الاستمرار في التواطؤ مع الاحتلال لم يعد مقبولاً ولا مسموحاً بعد اليوم.


الاثنين، 15 فبراير 2010

سلطة فاسدة تصنع مسؤولاً فاسداً

كثر الحديث مؤخراً عن فضيحة الفساد المنسوبة إلى أمين عام الرئاسة الفلسطينية رفيق الحسيني. وقد ظهر الحسيني في تسجيلات فيديو بأوضاع مخزية، لكن الأهم في هذه الفضيحة هو المستندات الأخرى التي عرضها فهمي شبانة وتظهر سرقات واختلاسات وتلاعبات مالية بمبالغ ضخمة وهائلة.

الشاهد هنا أن هذه الفضيحة، سواء كانت حقيقية أم مختلقة، أعادت إلى الواجهة موضوع الفساد في أجهزة السلطة الفلسطينية، وهو موضوع تردد الحديث عنه مرات عدة على مدى سنوات وجود السلطة منذ التسعينات من القرن الماضي. ونذكر أن المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الفساد برزت زمن الراحل ياسر عرفات، وإن كان نجح في احتوائها واسكات المطالبين بها بوسائل مختلفة. وقبل ذلك لا بد أن نعيد للذاكرة وجود شبهات واتهامات وحالات فساد مالية وأخلاقية ضمن صفوف منظمة التحرير الفلسطينية وفي صفوف الثورة الفلسطينية وخصوصاً في فترة تواجدها في لبنان وبعد الخروج منه.

إن الفساد ظاهرة إنسانية عالمية بلا شك ولا يحتكرها الشعب الفلسطيني أو السلطة الفلسطينية، لكن اللافت في الحالة الفلسطينية أنه يجري دوماً السكوت عن اتهامات الفساد ومعاقبة أو تهديد أو التشهير بكل من يطالب بوقف الفساد أو محاسبة الفاسدين. كما أنه نادراً ما يجري محاسبة ومعاقبة فاسد أو مختلس أو مرتشي، بل إن هؤلاء يصلون إلى أعلى المراتب السياسية والتنظيمية دون أدنى مراعاة لمشاعر الشعب وحقوقه. القضية ليست قضية مسؤول أو موظف فاسد، القضية قضية نظام وثقافة وجو عام يسمح ويشجع ويكافئ الفاسدين ويحارب الشرفاء ويبعدهم ويستثنيهم.

إن النتيجة التي يصل لها المتابع للشأن الفلسطيني هو أن هذه السلطة قامت لتنفيذ اتفاقية أوسلو سيئة الذكر، وهي اتفاقية لا يمكن لفلسطيني شريف أن يقوم بتنفيذها، لذا كان لابد من إيجاد طبقة فاسدة بلا ضمير أو أخلاق أو وطنية كي تطبق بنود هذه الاتفاقية وتسهر على تنفيذها. وعند هذه النتيجة يزول الاستغراب من الفساد المستشري في أجهزة السلطة ولا يعود مستغرباً، ويصبح الحل الوحيد للقضاء على الفساد واضحاً وجلياً، وهو إزالة هذه السلطة الفاسدة تماماً واجتثاثها من جذورها. فهي سلطة أمنية قامت لتحمي العدو الصهيوني وتحارب كل شريف يدعو لمقاومته بغض النظر عن كون هذه المقاومة شعبية أو إعلامية أو ثقافية أو مسلحة. ولعل في رفض رئيسها أبو مازن لفكرة السماح حتى باستخدام الحجارة في المقاومة -رغم اعترافه بفشل أسلوب المفاوضات- دليلاً على مدى خدمة هذه السلطة وأجهزتها الأمنية للعدو الصهيوني ومصالحه وأمنه على حساب مصلحة الشعب الفلسطيني الوطنية.


الاثنين، 8 فبراير 2010

قيادة أم عمالة

كيف يستطيع أي فلسطيني أن يفهم أو يستوعب مشاركة رئيس وزراء السلطة الفلسطينية سلام فياض في مؤتمر صهيوني إسرائيلي يتحدث عن استراتيجيات الأمن لإسرائيل وفي أي إطار تأتي مثل هذه المشاركة أصلاً ولماذا تمت دعوته إلى هذا المؤتمر؟ لا شك أن منظمو المؤتمر طلبوا من فياض الحضور لأنهم يثقون فيه وبأنه منهم وعليهم، أليس هو من قمع كافة أشكال المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، أليس هو من يقدم الغطاء السياسي للجنرال دايتون وميلشياته للعمل في شوارع وحارات وأزقة مدن وقرى الضفة؟
أما آن لنا كفلسطينيين أن نعي حقيقة ما يجري، وأن نحسن اختيار من يمثلنا ويتحدث باسمنا؟ إن مشروع السلطة الفلسطينية الحالية برئاسة أبو مازن وفياض ودحلان ليس إلا مشروع أمني يحمي الكيان الصهيوني ويشكل خط أمامي للوقوف أمام كل من يحاول مقاومة أو محاربة الاحتلال. إنهم باختصار موظفين برتبة عالية وامتيازات كبيرة لدى حكومة الاحتلال، مثلهم في ذلك مثل روابط القرى التي أنشئها الاحتلال في سبعينيات القرن الماضي، مع اعترافنا بأن السلطة اليوم حققت نجاحات أكبر من روابط القرى نظراً لسيطرتها على حركة فتح ولسيطرتها الأمنية والبوليسية على المناطق التي سمح لها فيها بالانتشار الأمني. إنه مشروع الحكم الذاتي الذي يخلص الاحتلال من الأعباء المدنية والمالية والتبعات الاقتصادية للاحتلال دون أن يخسر الأرض. والدليل على ذلك أن الاستيطان مستمر في التوسع والنمو في مختلف مناطق الضفة الغربية دون معارضة تذكر، عدا عن ما تتعرض له القدس من تسارع في وتيرة التهويد والتهجير دون أدنى معارضة من قبل السلطة وقياداتها وأجهزتها ومنظماتها.
باختصار، سلام فياض وأبو مازن ودحلان وكل من لف حولهم عملاء يمثلون الشعب الفلسطيني وبالتأكيد لا يملكون حق التنازل عن أي حق فلسطيني، وهم لن يستمروا طويلاً على أي حال لأن سنة الله في الكون هي التغيير وزوال الباطل، وإن غداً لناظره لقريب.