الاثنين، 25 يناير 2010

غزة والمقاومة والحصار ... في الذكرى الأولى للعدوان

عام مضى على العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزة، عام مضى على انتصار المقاومة الفلسطينية المتواضعة وصمودها أمام أشرس آلة حرب عرفتها البشرية في التاريخ المعاصر.
عام مضى والشعب الفلسطيني في غزة لم يساوم ولم يهادن بل ويصر على الصمود والوقوف خلف قيادته المجاهدة التي أثبتت بحق انتمائها إلى هذا الشعب العظيم، لتسقط كل رهانات الأعداء والحاقدين والعملاء على استسلام الشعب وجريه وراء لقمة العيش تاركاً وطنه وراءه. صورة مضيئة لم تعرفها أقوى وأشهر حركات التحرر في العالم في القرنين الماضيين إن لم يكن في التاريخ الإنساني كله.
لكن في المقابل نرى أن الحصار على قطاع غزة وسكانه الذين يتجاوز عددهم المليون والنصف مليون استمر بل وتزداد محاولات تشديده رغم أن الحرب وفظائعها أثبتت حقيقة أن الحصار يستهدف الإنسان الفلسطيني وثقافة المقاومة التي تشربها والتزم بها، بعيداً عن أي طروحات إعلامية مغالطة تحاول أن تقول أن الحصار هو نتيجة الخلافات الفلسطينية الداخلية –وهي ليست داخلية بالمناسبة- أو أن السبب فيه هو تمسك حركة حماس بالحكم الذي وصلت إليه بالانتخاب الحر المباشر.
وفي ذكرى هذه الحرب، وهذا الصمود والانتصار كان الحقد الدفين ما زال ينتظر اللحظة المناسبة لينقض على أهلنا في غزة فيفسد فرحتهم بذكرى الانتصار عبر الإعلان عن بناء النظام المصري لجدار فولاذي يبنى تحت الأرض على الحدود بين مصر وغزة بأموال وتكنولوجيا وإشراف هندسي أمريكي كامل. نعم، إن اختيار توقيت الإعلان عن بناء هذا الجدار الفولاذي الأمريكي يأتي في ذكرى مرور عام على حرب غزة ليثبت مرة أخرى أن القوى المعادية عالمياً وإقليمياً وعربياً لم تستطع نسيان الدرس القاسي الذي تلقته من المقاومة الفلسطينية التي صمدت لأول مرة على أرضها لتؤكد أن قطاع غزة هو فعلاً الأرض الفلسطينية الوحيدة المحررة رغم تعرضها لحصار العدو والشقيق.
عام مضى على الحرب وأعوام قبله على الحصار، بُحت حناجرنا أثنائها ونحن نناشد وننادي وندعو النظام المصري لفك الحصار من جانبه عن قطاع غزة، دون أي نتيجة وكأننا ننادي في الفضاء الخارجي حيث لا يسمع الصوت إلا من يطلقه. بل ويعلن المتحدثين باسم هذا النظام المهترئ بكل وقاحة بأن بناء الجدار هو موضوع أمن قومي لا يحق لأحد التدخل فيه. منذ متى كانت إغاثة الأشقاء بالطعام والدواء تهديداً للأمن القومي لأي دولة في العالم، وكيف يعتبر إدخال الأجهزة الطبية ومواد البناء البسيطة لأهالي غزة ضد مصلحة الدولة العربية الكبرى، مصر؟
أما سلطة أوسلو القابعة في رام الله، سلطة أبو مازن الذي لا يستطيع أن يتحرك دون إذن من ضابط الارتباط الصهيوني، سلطة دحلان الهارب من غزة ليتجبر في الضفة، سلطة دايتون الذي يقود عملية خلق الفلسطيني الجديد –وفق كلامه هو، الفلسطيني الذي يعتبر وجود دولة بأي ثمن أهم بكثير من تحرير الأرض والمقدسات، فحدث عنها ولا حرج. من تواطؤها مع الصهاينة في حرب غزة إلى تشجيعها للنظام المصري كي يشدد الحصار أكثر وأكثر على غزة.
لا نملك إلا أن نكرر أن ما يجري من حصار وتجويع وقتل بطيء لمليون ونصف المليون عربي مسلم في قطاع غزة سيكون وصمة عار على جبين كل من ساهم أو شارك أو صمت أو تآمر فيه، والتاريخ لن يرحم والشعوب لن تنسى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق