الاثنين، 15 فبراير 2010

سلطة فاسدة تصنع مسؤولاً فاسداً

كثر الحديث مؤخراً عن فضيحة الفساد المنسوبة إلى أمين عام الرئاسة الفلسطينية رفيق الحسيني. وقد ظهر الحسيني في تسجيلات فيديو بأوضاع مخزية، لكن الأهم في هذه الفضيحة هو المستندات الأخرى التي عرضها فهمي شبانة وتظهر سرقات واختلاسات وتلاعبات مالية بمبالغ ضخمة وهائلة.

الشاهد هنا أن هذه الفضيحة، سواء كانت حقيقية أم مختلقة، أعادت إلى الواجهة موضوع الفساد في أجهزة السلطة الفلسطينية، وهو موضوع تردد الحديث عنه مرات عدة على مدى سنوات وجود السلطة منذ التسعينات من القرن الماضي. ونذكر أن المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الفساد برزت زمن الراحل ياسر عرفات، وإن كان نجح في احتوائها واسكات المطالبين بها بوسائل مختلفة. وقبل ذلك لا بد أن نعيد للذاكرة وجود شبهات واتهامات وحالات فساد مالية وأخلاقية ضمن صفوف منظمة التحرير الفلسطينية وفي صفوف الثورة الفلسطينية وخصوصاً في فترة تواجدها في لبنان وبعد الخروج منه.

إن الفساد ظاهرة إنسانية عالمية بلا شك ولا يحتكرها الشعب الفلسطيني أو السلطة الفلسطينية، لكن اللافت في الحالة الفلسطينية أنه يجري دوماً السكوت عن اتهامات الفساد ومعاقبة أو تهديد أو التشهير بكل من يطالب بوقف الفساد أو محاسبة الفاسدين. كما أنه نادراً ما يجري محاسبة ومعاقبة فاسد أو مختلس أو مرتشي، بل إن هؤلاء يصلون إلى أعلى المراتب السياسية والتنظيمية دون أدنى مراعاة لمشاعر الشعب وحقوقه. القضية ليست قضية مسؤول أو موظف فاسد، القضية قضية نظام وثقافة وجو عام يسمح ويشجع ويكافئ الفاسدين ويحارب الشرفاء ويبعدهم ويستثنيهم.

إن النتيجة التي يصل لها المتابع للشأن الفلسطيني هو أن هذه السلطة قامت لتنفيذ اتفاقية أوسلو سيئة الذكر، وهي اتفاقية لا يمكن لفلسطيني شريف أن يقوم بتنفيذها، لذا كان لابد من إيجاد طبقة فاسدة بلا ضمير أو أخلاق أو وطنية كي تطبق بنود هذه الاتفاقية وتسهر على تنفيذها. وعند هذه النتيجة يزول الاستغراب من الفساد المستشري في أجهزة السلطة ولا يعود مستغرباً، ويصبح الحل الوحيد للقضاء على الفساد واضحاً وجلياً، وهو إزالة هذه السلطة الفاسدة تماماً واجتثاثها من جذورها. فهي سلطة أمنية قامت لتحمي العدو الصهيوني وتحارب كل شريف يدعو لمقاومته بغض النظر عن كون هذه المقاومة شعبية أو إعلامية أو ثقافية أو مسلحة. ولعل في رفض رئيسها أبو مازن لفكرة السماح حتى باستخدام الحجارة في المقاومة -رغم اعترافه بفشل أسلوب المفاوضات- دليلاً على مدى خدمة هذه السلطة وأجهزتها الأمنية للعدو الصهيوني ومصالحه وأمنه على حساب مصلحة الشعب الفلسطيني الوطنية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق